الاستشعار عن بعد
طور الإنسان عبر الزمن الوسائل التي استخدمها في التعرف على الأرض والكشف عن ثرواتها فانتقل من المسح باستخدام الأدوات البسيطة التي تعتمد على التماس المباشر مع الظاهرات حتى وصل إلى استخدام الأقمار الصناعية التي مكنته من تحديد المواقع ورسم الخرائط والكشف عن الثروات وتحديد المشكلات البيئية والاقتصادية إضافة إلى وظائف تجسسية وعلمية دون تماس مباشر معها.
لنتعرف المقصود بالاستشعار عن بعد وما هي آلية عمله،وأبرز تطبيقاته.
أولا)ما الاستشعار عن بعد،وكيف يعمل؟
لاحظ الإنسان الظواهر الموجودة على سطح الأرض بالعين المجردة,وقاسها ومثًلها باستخدام أدوات بسيطة,ومع التطور التقني الكبير أصبح قادرا على التعرف إلى خصائص الظواهر الطبيعية والبشرية دون الحاجة للتماس المباشر معها عبر تقنية الاستشعار عن بعد والتي تمكننا من الحصول على معلومات عن جسم أوظاهرة معينة بوساطة أجهزة ليست على تماس فيزيائي أوإتصال مادي معها,حيث فتح ذلك بعدا,ومنظورا جديدا للبحث والدراسة والمراقبة المستمرة لسطح الأرض,ووفر حجما هائلا من المعلومات التي يتم تفسيرها بشكل علمي دقيق مما يساهم في إيجاد الحلول للكثير من المشكلات,وبشكل يوفر الوقت والمال.
تعطي الأقمار الصناعية صورا متكررة لمناطق سطح الأرض حيث يعطي قمر لاندسات الأمريكي صورة لأي جزء من سطح الأرض
وتمتاز الصور الفضائية الملتقطة بالتوابع الصنعية بالشمولية حيث تتميز بقدرتها على إعطاء صور لمساحات واسعة من الأرض كما تتميز بالتكرارية حيث يمكن الحصول على صورة جديدة للمنطقة نفسها من التوابع الصنعية عددا من المرات وذلك بحسب الهدف المطلوب.بما يفيد في ملاحظة الظاهرة عبر الزمن.
الدقة التمييزية هي أبعاد الظاهرة الجغرافية التي يمكن رؤيتها على الصورة حيث كانت الدقة 80م في عام1972,بينما تبلغ حاليا50سم,أي أن تفاصيل المظاهر أصبحت واضحة بكل كبير.
أعط بعض الأمثلة عن الظواهر الجغرافية التي تستوجب مراقبتها بشكل مستمر؟
والصور الفضائية غنية بالمعلومات حيث تتضمن الصور الفضائية معلومات كثيرة عن التضاريس-المياه-النبات-الصخور-التربة-التجمعات السكنية-طرق المواصلات,
كما تتميز التوابع الصنعية بدقة تمييز عالية للمظاهر الموجودة على سطح الأرض,وتختلف هذه الدقة من تابع صنعي لأخر
ولعلنا نتساءل:ما هي آلية عمل الاستشعار عن بعد؟
تعتبر الشمس المصدر الرئيسي للأمواج الكهرومغناطيسية electomagnatic spctrumحيث تسقط هذه الأشعة على الأرض,جزء من هذه الأشعة منها يمتص أو يتبعثر ضمن الغلاف الجوي بينما ينعكس الجزء الآخر من على سطح الأرض,ويستخدم في التصوير.وجزء من الأشعة ينفذ إلى باطن الأرض,ويتخلف مقدار الأشعة المنعكسة والتي تستقبل من قبل المواسح المحمولة على متن الطائرات أو التوابع الصنعية باختلاف طول الموجة المنعكسة وتفاعلها مع الأجسام المختلفة المكونة لسطح الأرض.
مصدر الطاقة(الإشعاع):غالبا ما يكون مصدره إشعاعيا ناتجا عن الطيف الكهرطيسي القادم من الشمس ويتألف من مجموعة كبيرة من الموجات المختلفة في أطوالها التي تبدأ بالانغستروم وتنتهي بالكيلومتر,وهذه الأشعة إما أن تمتص أو تتبعثر بالجو.
الأشعة المرئية:هي ما تراه العين البشرية من الإشعاعات التي تقع أطوال أمواجها بين 0,4 و0,7 ميكرومتر ويشتمل هذا المجال على مختلف ألوان الطيف المرئي بدءا من اللون الأحمر واللون البنفسجي.
ويمكن لتمييز بين أنواع مختلفة من المواسح (المستشعرات sensors) المحملة على التوابع الصنعية تبعا لوظيفة كل منها:
- التوابع المحملة بمستشعرات متخصصة في دراسة الفضاء،وكوكب المجموعة الشمسية .
- توابع تدرس مناخ الأرض .
- توابع مخصصة للإيصالات .
- توابع مخصصة لدراسة الأرض.
- منظومة توابع تعمل لتحديد إحداثيات المواقع.
- توابع مختلفة تستخدم للأغراض العسكرية.
كما يمكن التمييز بين نوعين أساسيين من طرائق الاستشعار عن بعد
النوع الأول: يعرف باسم الاستشعار عن بعد غير الفعال أو السلبي ( (passive وفي هذه الحالة تكون الشمس مصدر أشعة الطيف الكهرطيسي ويتم تحميل المستقبلات (sensors) على متن التوابع الصنعية.أما النوع الثاني فيعرف باسم الاستشعار عن بعد الفعال (active (وفي هذا النوع يكون مصدر الأشعة و المستقبلات محملا على متن التوابع الصنعية مثل التصوير الراداري.وتمر آلية عمل الاستشعار عن بعد بالمراحل الآتية:
المرحة الأولى:يتم تصوير المنطقة المدروسة بوساطة آلات تصوير وهي عبارة عن مجموعة من (الكاميرات) متعددة الأطياف (كاميرات) قياسية أو أجهزة رادارية أو أجهزة تصوير حرارية أو تلفزيونية وترسل صورا في المجالات الطيفية المختلفة (صورا بالمجال المرئي ،صورا بالمجال تحت الأحمر، صورا بالمجال تحت الحمراء الحرارية ،وصورا رادارية).
المرحلة الثانية:يتم إرسال الصور أو المعطيات المسجلة إلى محطات للاستقبال الأرضية.
المرحلة الثالثة: تتم فيها المعالجة الرقمية للمعطيات الفضائية (الصور) باستخدام البرامج الحاسوبية المعدة لذلك.
المرحلة الرابعة:هي توظيف الصور المعالجة والمحسنة في الدراسات المختلفة (دراسة الموارد الطبيعية-الدراسات البيئية – مراقبة التوسع العمراني –مراقبة التصحر....).
أهم التوابع الصنعية والماسحات المستخدمة في الدراسات الرضية:
وهناك أنظمة رافده ومكملة للاستشعار عن بعد ومن أهمها نظام المعلومات الجغرافي Geographical system information أو GIS وهو نظام تخزين المعلومات وتحليلها باستخدام برنامج حاسوب متخصص يهدف غلى معالجة المعلومات المكانية المرجعة إلى إحداثياتها على الأرض مع إمكانية ربطها بالمعلومات الوصفي لها من خلال قاعدة بيانات تمكن من تحليل الرموز.
يستخدم نظام المعلومات الجغرافي في الكثير من الدراسات و التطبيقات، حيث يتم تزويده بالمعلومات المحدثة بشكل مستمر من الصور الفضائية بهدف تحليلها وفق شروط محددة تساعد في اتخاذ القرارات المناسبة في المجالات التطبيقية المختلفة .
ثانيا:بعض المجالات التطبيقية للاستشعار عن بعد:
وتشمل مجالات مختلفة واسعة ترتبط بعمليات التنمية كالتطبيقات في المجالات الزراعية بمختلف أشكالها،والمجالات المائية،والجيولوجية،والبيئية،والتخطيط الإقليمي، والكوارث الطبيعية ،والكشف عن الثروات والآثار الدفينة.
ففي مجال الجيولوجيا و التنقيب عن المعادن والنفط والغاز يمكننا من خلال الصور أن ندرس الطبقات الجيولوجية،وأنواع التضاريس-الالتواءات و الانكسارات .....
ابحث في استخدامات أخرى في مجال الجيولوجيا
في مجال الدراسات المائية ومشاريع الري
فيقدم الاستشعار عن بعد معلومات عن (دراسة المياه السطحية- تراكمات الثلوج ومدى انتشار – المياه الجوفية – البحيرات –البحار – الأنهار – التيارات البحرية....)
وجدت الدراسات بصور الأقمار الصناعية أن مناطق التيارات البحرية غنية بالأسماك
ما مدى تأثير تلك الصراع الاقتصادي بين الدول التي تتنافس على الصيد المائي في مناطق الصيف القاري؟
وفي مجال الزراعة : يمكن بوساطة الاستشعار عن بعد (تصنيف الترب – وضع الخرائط الملائمة :خرائط استعمالات الأراضي،خرائط الغطاء النباتي – تملح التربة – تحديد المساحات المزروعة – دراسة المحاصيل وتحديد أنواعها ....)
إن تقدير كميات الأمطار وكمية المحاصيل الزراعية تعطي تقديرا لحاجات الدول من المواد الغذائية،وهذا ما يمكن استثماره في الضغوط السياسية على الدول التي هي بحاجة إلى استيراد المواد الغذائية
ما الاستخدامات الأخرى في مجال الزراعة؟
وفي مجال التخطيط الإقليمي و التنظيم العمراني:
يمكن بوساطة الاستشعار عن بعد إعطاء
معلومات عن حجم المدينة وتوسعها وطرائقها
ووظائفها السكنية و التجارية - حركة المرور-
التطور العمراني.
ما الاستخدامات الأخرى في مجال في مجال التخطيط العمراني؟
وفي مجال الدراسات البيئية:
فقد أصبح باستطاعتنا مراقبة
حرائق الغابات ومدى اتساعها،
وتعيين أماكن التلوث التي تهدد
مياه الأنهار،وشواطئ البحار،ورصد
الزلازل والبراكين ،والفيضانات الخطرة
،وتلوث الغلاف الجوي ، ومراقبة التصحر ،وحركة الرمال في المناطق الصحراوية والهاشمية .
وفي مجال الأرصاد الجوية:
يقدم الاستشعار عن بعد معلومات كافية عن حركة الرياح ، الأعاصير ،واتجاهات الغيوم ،والتنبؤ بأحوال الطقس ،وكميات الأمطار الهاطلة
وفي المجال العسكري: لأغراض التخطيط العسكري والتجسس.
وبعد أن تعرفنا الإمكانات الكبيرة التي يوفرها لنا الاستشعار عن بعد ،ونظام المعلومات الجغرافي ،يتبادر إلى أذهاننا التساؤل الآتي:
أين موقع الجمهورية العربية السورية من هذا التطور العلمي الكبير؟
واكبت الجمهورية العربية السورية هذا التطور العلمي الكبير فقد شارك رائد الفضاء العربي السوري محمد الفارس في رحلة فضائية عام 1986م على متن مجمع مير بالتعاون مع الإتحاد السوفييتي سابقا القيام ببعض الأبحاث، والتقاط صور فضائية الجمهورية العربية السورية ، وأحدثت الهيئة العامة للاستشعار عن بعد بموج المرسوم التشريعي عام 1986م وقد أنيط بالهيئة أعمال المسح الفضائي والجوي والأرضي الخاص بتقنيات الاستشعار عن بعد ، وتحليل المعطيات الناتجة عنها بهدف الاستفادة منها في مجالات استكشاف واستثمار الموارد الطبيعية، والدراسات المتعلقة بالبيئة في الجمهورية العربية السورية ، وتسعى الهيئة إلى نقل وتطوير تقنية الفضاء والاستشعار عن بعد في الجمهورية العربية السورية من خلال تدريب الكوادر الفنية المتخصصة ، كما تساهم الهيئة في التعريف بتقانة الاستشعار عن بعد من خلال إصداره العديد من النشرات