الهنـدسة الوراثيـة (Genetic Engineering) علـم يهتـم بدراسة التركيـب الوراثي للمخلوقات الحية, من نبات وحيـوان وإنسـان, بهدف معرفة السُّنن (القـوانين) التي تتحكم بالصفات الوراثية لهذه المخلوقات, على أمل التدخل في تلـك الصفات تدخلاً إيجابياً, وتعديلها أو إصلاح العيوب التي تطرأ عليها.
وبما أن الهندسة الوراثية تعني التدخل المباشر بالتركيبة الفطرية للمخلوقات الحية, فإن هذا التدخل يثير عدداً من الأسئلة والتحفظات الفقهية والعلمية, فبعض الفقهاء يعتبرونه تغييراً في الخَلْق منهياً عنه شرعاً, وبعض علماء البيولوجيا يخشون من نتائجه المحتملة التي قد تهدد الحياة كلها علي سطح الأرض. ونحن في هذه المقالة نحاول مقاربة هذه الإشكاليات ولاسيما الفقهية منها.
مجالات الهندسة الوراثية
انتاج الهرمونات
المجال القضائي
المجال العسكري
المجال الوراعي
العلاج الجيني
مخاطر الهندسة الوراثية
لم يكتف الإنسان بالكائنات التى تتحور وتتحول إلى كائنات ممرضة، بل أخذ يبحث عن طرق صناعية لتخليق كائنات ممرضة جديدة. فهندسة الجينات كعلم حديث سلاح ذو حدين: فكما أمكن استخدامه فى العديد من المجالات المفيدة للإنسان يمكن استخدامه لتدمير الحياة على سطح هذا الكوكب، حيث يتم خرطنة الجينات، وتطعيم هذه الجينات فى الطاقم الوراثى للبكتريا حيث تُوَرِّث هذا الطاقم الممرض للأجيال الناتجة من انقسامها.
بعد ذلك يتم تحميل هذه البكتريا فى حاملات بكتيرية "كبسولات خاصة"، حيث يتم إطلاقها فى مجتمع ما لتخرج البكتريا وتتكاثر وتغزو جيناتها الممرضة أجسام الكائنات الحية لتفتك بها، وهذا يعنى إحداث موت بطيء لمجتمع بأكمله.
وليست البكتريا فقط هى الكائن الحى المستخدم فى مثل هذه التجارب، فقد شملت التجارب الحشرات بمختلف أنواعها ورتبها، والنباتات ولا سيما حبوب القمح، حيث يتم تطعيمه بجينات مرضية محددة ومبرمجة لإصابة الطاقم الوراثى البشرى فى حالة الحبوب المعدة للاستخدام الآدمي، أو إنتاج نباتات قمح يسمح محتواها الجينى بإكثار الآفات التى كانت تلقى مقاومة شرسة من الطاقم الوراثى للقمح المحلى، وذلك يعني أن بكتريا واحدة أو حبة قمح واحدة ستصبح أخطر من مائة طائرة، وستفعل ما ستفشل فيه جيوش جرارة.
يمكن استغلال تطور الهندسة الوراثية والتى قفزت قفزات هائلة فى السنوات الأخيرة فى أوجه الشر كما تستغل فى أوجه الخير. وذلك بإنتاج أسلحة ذات تقنيات عالية باستخدام الجينات وتوجه ضد جماعات عرقية معينة لإبادتهم أو إلحاق الضرر بهم.
ومن الممكن نظرياً تطوير الأسلحة البيولوجية، بإضافة بعض الجينات إليها واستخدامها لتهاجم جزءاً معيناً من جسد الإنسان، وإذا تمكن العلماء من تحديد مجموعة الجينات التى تميز جماعة عرقية عن أخرى فمن المحتمل إنتاج أسلحة ذات طابع عرقى مما يوجب البحث عن وسائل لمنع حدوث ذلك والسيطرة عليه كما يمكن إنتاج أدوية ذات تأثيرات سيئة. وهذا يؤكد أننا مقدمون على نوع جديد من الحروب يتم التعامل فيه على مستوى الجينات، وهو ما يعرف بـ "حرب الجينات".
وهذا يعنى الصراع الشديد بين الدول المتقدمة لامتلاك أكبر مخزون حيوى جينى وتوظيفه لتحقيق مصالحها هى فقط بغض النظر عن صالح الإنسان، مما يستدعي من المجتمع الدولى وقفة لتقنين العمل داخل مراكز بحوث الهندسة الوراثية للوصول إلى نتائج تفيد الإنسان ولا تضره، لتكون الحقيبة الجينية الأداة لتخليص البشرية من ويلات الأمراض المستعصية. والأمل فى علاج الأمراض الوراثية وتوفير الغذاء لملايين الأفراد الجائعة، لا أن تكون أداة لتدمير الإنسان وآماله.