إن الغذاء,والمأوى, والكساء هم الأشياء الثلاثة الأساسية الضرورية للتواجد الإنساني, والإسكان هو الذي يحقق طلب الإحتياج النفسي للمأوى. إن المأوى يقوم بحماية الإنسان من أي ظروف غير ملائمة وأيضاً يحمية من الناس الآخرين. إن المسكن الغير مناسب قد ينتج عنه عدم ارتياح وأمراض وقد يؤدي إلى الموت. إن المأوى قد يؤدي إلى توفير بعض الإحتياجات الجسمية, والإجتماعية, والثقافية والنفسية.
i. الآثار النفسية للمسكن Housing Psychological Effects
يمكن للإنسان أن يحيا تحت أدنى ظروف للمأوى فلابد من تفقد الأدوارالتي يقوم بها المسكن بدقة. حيث أن الإسكان يؤثر على الناس من الناحية السيكولوجية والاجتماعية. إن نوعية المسكن والتصميم العام للغرف, ومقدار الخصوصية والمساحات المكشوفة وكيفية مقابلة الإحتياجات الشخصية, كل هذا قد يؤثر على الإتجاهات والصحة العقلية, والعلاقات الشخصية المتداخلة, والإرتضاء بالحياة الأسرية.
غالباً مايربط الناس المسكن بالأسرة وبالتالي قد يكون للبناء ذاته أثر روحي معنوي على ساكنيه. أنه من الصعب فصل الآثار الإجتماعية عن تلك النفسية حيث هناك عوامل كثيرة تتعلق بالصحة العقلية, والحياة العائلية المرضية Satisfied Family Life وتحقيق الذات. أنه من الصعب تقدير تأثير المسكن على السلوك الملاحظ والصحة العقلية حيث أن هناك كثير من العوامل الإجتماعية المتداخلة والتي قد تؤثر على سلوك الفرد وسلامتة العقلية في آن واحد.
ii. الآثار الثقافية للمسكن Housing Cultural Effects
إن نوعيات Qualities وعدد المساكن تتأثر كثيراً بثقافة الناس الذين يسكنوها. إن كل ثقافة Culture تعرف سلوك جماعتها الذي يلقن من خلال عملية التطبيع الإجتماعي Socialization. إن قواعد السلوك تعرف كمعايير ثقافية والأفراد الذين ينتمون إلى ثقافة معينة يشعرون بقوة نحو الإحتياج لمسايرة المعاييروعلى تضحيات للتمشي مع هذه الثقافة. إن عدم المقدرة على التمشي مع المعايير ينتج عنه ردود فعل سلبية من المجتمع على سبيل المثال الشعور بالضغط أو الشعور بعدم السوية في جانب معين من جوانب حياة الفرد.
وتتضمن المعايير الثقافية تلك المعايير المتعلقة بالإسكان المتاح والمرغوب فيه. إن معايير الإسكان تصف نوعية الإنشاءات Structure Types ونوعية الملكية (ملك,إيجار,تمليك) ومساحة المكان Space النوعية Quality التكلفة Expenditure والجيرة Neighborhood. إن كل هذه المعايير تتأثر وتختلف بإختلاف أعمار أفراد الأسرة, تكوين الأسرة. أته بالرغم من تواجد غرفة نوم خاصة لكل لطفل قد لا تمثل حاجة سيكولوجية إنسانية في الإسكان إلا أنها تعتبر ضرورة ملحة في بعض المجتمعات مثل الأسرة الأمريكية وبخاصة إذا كانت تضم أبناء في مرحلة المراهقة حيث أن لكل إبن نشاطة وهواياته وصداقاته المختلفة وفي هذه المرحلة يحتاج الأبناء للشعور بالإستقلالية أو الحرية أو الاعتمادية المطلقة على الوالدين وهكذا فقد تظهر مظاهر الإحباط والضغط على الأبناء في هذا السن لو لم تقابل إحتياجاتهم بالخصوصية. وهذا يختلف ذلك السلوك بالنسبة لجماعات أخرى من الناس ذات ثقافات أخرى في مناطق أخرى من العالم وبالتالي لا تمثل نفس القيمة أو رد الفعل على موقف الإسكان كما هو الحال في أمريكا وبعض دول أوروبا.
إلا أن الأسرة الإسلامية تراعي توفير غرف نوم خاصة للأبناء وأخرى للفتيات في هذه السن وذلك إنطلاقاً من مفهوم روح الإسلام وتنفيداً لتعاليمة. ولقد جاء في الحديث الشريف عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدة قال, قال رسول الله صلى الله عليه سلم "مروا أبنائكم بالصلاة لسبع سنين,وأضربوهم عليها لعشر سنين, وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أحمد وأبو داوود.
أهمية المسكن والإسكان The Importance of Housing
إن المسكن هو المكان الحقيقي الذي يشعر فيه الإنسان بالخصوصية وفيه يمكنه أن يظهر بشخصيته الحقيقية. إن المسكن هو حلقة الوصل بين الإنسان ومجتمعه. في الوقت الحالي من الملاحظ أن أفراد الأسرة تحاول أن تخلق نوعاً من التقارب والإتزان والعلاقات المرضية بين إحتياجاتهم الأساسية Basic Needs وقيمهم Values وإسكانهم Housing. لتوفير إسكان يمكن من خلاله التأثير على سلوك الإنسان لا بد من الموازنه بين البدائل المتاحة للمساكن المختلفة What is Available وبين رغبات الأفراد أنفسهم
What the Individuals Themselves Want?
هذا مما يؤكد أنه لابد الأخذ بعين الإعتبار هذا لتحقيق التكامل بين إحتياجات الإسكان Housing Needs والإنشاءات أو المساكن المنشأة Structures. هناك بعض الإحتياجات والمتطلبات لها صفة الشيوع بين الناس وبالرغم من ذلك فلإن كل أسرة لها ألوياتها في ترتيب متطلباتها ورغباتها وأيضاً إحتياجاتها. كما أن للمسكن أهمية وأدوار مختلفة يمنحها للفرد الساكن Householder أو العائلة التي تسكن مسكناً. فالمسكن يعطي الفرد الإحساس بالانتماء للمكان والشعور بالإرتباط والشعور بالخصوصية كما يمنح المسكن ساكنيه إحساساً نفسياً بالإنتعاش والقوة والشجاعة ...الخ كما يعطي الفرصة لأفراده للخلق والإبداع.
وللمسكن أيضاص أهمية كبرى من الناحية الصحية للفرد أو للجماعة.
1. أهمية المسكن بالنسبة للصحة العامة The Importance of House for General Health
لقد برهنت كثير من الأبحاث على وجود علاقة بين إنتشار الأمراض الصحية والإجتماعية ووجود ظروف سكنية غير صحيحة أو غير ملائمة ومن أمثلة هذه الأمراض التالي:
a. إرتفاع نسبة الإنحرافات والجرائم عن المعدلات الطبيعية في المناطق السكنية الغير صحية.
b. تأثر بعض الفئات الخاصة من الأطفال والشيوخ نفسياً وفسيولوجياً بالبيئة السكنية الغير صحية مما أدى لإرتفاع نسبة الوفيات كنتيجة للأمراض الإجتماعية الناتجة عن الظروف الغير ملائمة للبيئة السكنية.
c. إرتفاع نسبة الحوادث والحرائق عن المعدلات العادية بالنسبة للمناطق السكنية الغير صحية بالمقارنة بمثيلها من المناطق السكنية المناسبة.
d. إرتفاع نسبة المرضى بأمراض الجهاز التنفسي كالدرن والإلتهاب الرئوي وأمراض الجهاز الهضمي كالنزلات المعوية والأمراض الجلدية التي تنتقل بواسطة بعض الحشرات أو الحيوانات التي تتواجد بتواجد الظروف البيئية السكنية الغير صحية أو التي تتزايد بإنخفاض معدل النظافة والظروف الصحية في المكان.
2. الإحتياجات السكنية Housing Needs
إن مفهوم الإحتياجات السكنية هو مفهوم واسع وشامل على اوجه متعددة للإسكان من بين هذه الإحتياجات المتعددة الإحتياجات الإنسانية Human Needs ومنها تلك المرتبطة بتوفير الحماية من الأجواء الغير ملائمةومنها ايضاً الإحتياجات السيكولوجية والتي منها الحاجة إلى الأمان. ومن بين الإحتياجات السكنية إحتياجات مرتبطة بمراعاة المعايير الثقافية للأسرة والمجتمع ومثال ذلك عدد غرف النوم اللازمة لكل اسرة وهي تعتمد على المعايير الثقافية.
الإحتياجات الإنسانية والإسكان...تدرج ماسلو
Human Needs and Housing: Ibraham Maslaw’s Hierarchy
من أنسب الإطارات اللازمة لتحليل الإحتياجات الإنسانية للإسكان هي نظرية ماسلو لتدرج الإحتياجات الإنسانية. إن النظرية تنص على أن الإحتياجات الأساسية الدنيا في التدرج لابد أن تقابل وتشبع قبل الإحتياجات المطلوبة في المستويات الأعلى من ذلك
الإحتياجات الإنسانية –الإحتياجات السكنية
إن التحليل التالي لتدرج ماسلو يشتمل على إطار الإحتياجات الإنسانية وكيفية مساهمة مجال الإسكان لإشباع هذه الإحتياجات.
الإحتياجات الجسمية Body Needs
إن الإحتياجات الجسمية هي الإحتياجات الأساسية التي يشترك فيها جميع البشر كالأكل والتنفس والنوم والحماية من الأعداء. إن نوع الإسكان المطلوب للإبقاء على الحياة يختلف من مكان لآخر.
الحاجة للأمان والإطمئنان:
إن الإحتياجات للأمان والإطمئنان له علاقة بمدى مايشعره الناس نحو حياتهم وبيئتهم ونحو البيئة الآمنة من أي تهديدات خارجية. إن الإسكان أو المسكن يوفر بعض الحماية اللازمة من العوامل او العالم الخارجي. إن إشباع الحاجة للأمان يكون عن طريق المسكن حيث يوفر الحماية من أية ظروف خارجية غير سوية ويوفر أيضاً بيئة صحية وخالية نسبياً من الضوضاء, الحرارة,الأبخرة ...الخ.
الإحتياجات الإجتماعية Social Needs
إن الإحتياجات الإجتماعية تتضمن الإحتياجات الضرورية اللازمة للكائنات البشرية الحية مثل الحاجة إلى الحب, الحاجة للشعور بتقبل الآخرين للفرد, الحاجة للمشاركة مع الآخرين. يلعب المسكن دوراً هاماً في إشباع الإحتياجات الإجتماعية حيث أن المسكن هو مركز حياة الأسرة والتي هي القوة الأساسية في تطبيع الأطفال إجتماعياً وهو المكان الأقل ضغطاً على العلاقات الإنسانية المتداخلة والأطول مدى في نفس الوقت. إن المسكن هو المكان الذي يوفر حرية العلاقات المتداخلة وينمي العلاقات ويساعد على إشباع الإحتياجات الإجتماعية.
الحاجة للشعور بالذات:
إن الحاجة للشعور بالذات لها علاقة بتلك الإحتياجات المتعارف عليها من قبل الفرد والمجتمع. إن معايير الأسكان لها علاقة بنوع المسكن المناسب أو الصالح للسكن وأيضاً بمدى تحقيق معايير إسكانية متوقعة تؤثر على مدى تقبل المحيطين وأيضاً على شعور الشخص بقيمة نفسة.
الحاجة لتحقيق الذات:
إن الحاجة لتحقيق الذات هي حاجة الإدراك الكلي لدوافع الإحتياجات الإنسانية للحب والنمو الشخصي والعلاقات الإيجابية مع الآخرين. إن المسكن قد يلعب دوراً أساسياً في تحقيق الذات. إن المسكن الذي يسمح بالتعبير عن الذات من خلال الشكل العام للمسكن ذاته أو من خلال هوايات ودوافع شخصية يحقق شيئاً هاماً من مقومات الأسرة السوية ويسمح للأسرة كلها بالقيام بدورها كمجموعة وكأفراد.